ووضع الجريب «1» والدرهمين في الشهر، فضرب حينئذ عمر رضى الله عنه، الدراهم على نقش الكسروية «2» وشكلها بأعيانها غير أنه زاد في بعضها «الحمد لله» وفي بعضها «محمّد رسول الله» ، وفي بعضها «لا إله إلا الله وحده» وفي آخر مدة عمر وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل، فلما بويع أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه ضرب في خلافته دراهم نقشها «الله أكبر» .
فلما اجتمع الأمر لمعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه، وجمع لزياد بن أبيه الكوفة والبصرة، قال: «يا أمير المؤمنين إن العبد الصالح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه صغّر الدرهم وكبّر القفيز «3» ، وصارت تؤخذ عليه ضريبة أرزاق الجند وترزق عليه الذرّية طلبا للإحسان إلى الرعية، فلو جعلت أنت عيارا دون ذلك العيار، ازدادت الرعية به مرفقا ومضت لك السنة الصالحة.
فضرب معاوية رضى الله عنه تلك الدراهم السود الناقصة من ستة دوانيق فتكون خمسة عشر قيراطا تنقص حبّة أو حبتين وضرب منها زياد، وجعل وزن كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، وكتب عليها فكانت تجرى مجرى الدراهم.
وضرب معاوية أيضا دنانير عليها تمثال متقلدا سيفا، فوقع منها دينار ردىء في يد شيخ من الجند فجاء به إلى معاوية، وقال: يا معاوية، أنا وجدت ضربك شر ضرب، فقال له معاوية: لأحرمنّك عطاءك، ولأكسونّك القطيفة.
فلما قام عبد الله بن الزبير- رضى الله عنه- بمكة ضرب دراهم مدوّرة، وكان أول من ضرب الدراهم المستديرة، وكان ما ضرب منها قبل ذلك ممسوحا غليظا قصيرا، فدورها عبد الله، ونقش على أحد وجهى الدراهم «محمد رسول الله» وعلى الآخر «أمر الله بالوفاء والعدل» .
وضرب أخوه مصعب بن الزبير دراهم بالعراق، وجعل كل عشرة منها سبعة مثاقيل، وأعطاها الناس في العطاء حتى قدم الحجاج بن يوسف العراق، من قبل أمير