كذلك العبادة بالخوف وحده، دون الحب والرجاء ليست صحيحة، بل هي باطلة فاسدة، وهي طريقة الخوارج الذين لا يجعلون تعبدهم لله مقروناً بالمحبة، فلا يجدون للعبادة لذة، ولا إليها رغبة، فتكون منزلة الخالق عندهم كمنزلة سلطان جائر، أو ملك ظالم، وهذا مما يورث اليأس أو القنوط من رحمة الله، وغايته الكفر بالله، وإساءة الظن به، قال": =يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني+ (?) .
وعن جابر ÷ قال: سمعت رسول الله"يقول قبل وفاته بثلاث: =لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل + (?) .
وحسن الظن هو الباعث على العمل؛ الذي يلزم منه تحري الإجابة عند الدعاء، والقبول عند التوبة، والمغفرةِ عند الاستغفار والإثابةِ عند العمل.
أما ظن المغفرة والإجابة والإثابة مع الإصرار على الذنوب والتقصير في العمل فليس من حسن الظن في شيء، بل هو سَفهٌ وجهل وغرور.
فلابد للعابد أن يكون الله أحبَّ إليه من كل شيء، وأن يكون الله أعظمَ عنده من كل شيء؛ فالرجاء يستلزم الخوف، ولولا ذلك لكان أمناً، والخوف يستلزم الرجاء، ولولا ذلك لكان قنوطاً ويأساً، وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله؛ فإنك إذا خفته فررت إليه، فالخائف من الله هارب إليه قال_تعالى_: [فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ] (الذاريات:50) .
وهناك مقولة مشهورة عند السلف، وهي قولهم، من عَبَدَ الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجىء، ومن عبده بالخوف، والرجاء، والحب، فهو مؤمن موحد (?) .
الجواب: أنه اختُلف في ذلك على أقوال منها: