ولهذا كان الإيمان التام، والتوكل الصحيح أعظمَ ما يدفع هذا النوع من الخوف، ويملأ القلب شجاعة؛ فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه الخوف من غير الله، وكلما ضعف إيمانه زاد وقوي خوفه من غير الله.
ولهذا فإن خواص المؤمنين وأقوياءهم تنقلب المخاوف في حقهم أمناً وطمأنينة؛ لقوة إيمانهم، ولسلامة يقينهم، وكمال توكلهم [الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ] (آل عمران:، 173 174) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الرجاء ركن من أركان العبادة؛ فالعبادة تقوم على الحب، والخوف، والرجاء.
والرجاء عمل عظيم من أعمال القلوب، والنصوص الشرعية متضافرة على ذكره، والثناء في أهله.
قال الله تعالى: [أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ] (الإسراء: 57) .
فابتغاء الوسيلة إليه طلب القرب منه بالعبودية والمحبة؛ فَذَكَرَ مقاماتِ الإيمان الثلاثة الحب، والخوف، والرجاء.
وقال تعالى: [مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ] (العنكبوت: 5) .
وقال: [أُلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَت اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيْمٌ]
وفي صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: =لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه+.
وفي الصحيح قال": =يقول الله عز وجل: =أنا عند ظن عبدي، فليظن بي ما شاء+.
* حد الرجاء:
1_ قيل: الرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب، وهو الله والدار الآخرة، ويُطَيِّب لها السير.