فكما أن أمة الإسلام وسط بين الأمم التي تجنح إلى الغلو الضار، والأمم التي تميل إلى التفريط المهلك_فكذلك أهل السنة والجماعة؛ فهم متوسطون بين فرق الأمة المبتدعة التي انحرفت عن الصراط المستقيم.
وتتجلى وسطية أهل السنة والجماعة في شتى الأمور؛ سواء في باب العقيدة، أو الأحكام، أو السلوك، أو الأخلاق، أو غير ذلك.
20_ عدم الاختلاف في أصول الاعتقاد: فالسلف الصالح لا يختلفون_بحمد الله_في أصل من أصول الدين، وقواعد الاعتقاد؛ فقولهم في أسماء الله وصفاته وأفعاله واحد، وقولهم في الإيمان وتعريفه ومسائله واحد، وقولهم في القدر واحد، وهكذا في باقي الأصول.
21_ ترك الخصومات في الدين، ومجانبة أهل الخصومات: لأن الخصومات مدعاةٌ للفرقة والفتنة، ومجلبةٌ للتعصب واتباع الهوى، ومطيةٌ للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله بغير علم.
أخرج الآجري بسنده عن مسلم بن يسار أنه قال: =إياكم والمراءَ؛ فإنه ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته+.
وأخرج أن عمر بن عبد العزيز ×: =من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقل+.
وقال جعفر بن محمد ×: =إياكم والخصومات؛ فإنه تشغل القلب وتورث النفاق+.
22_ الحرص على جمع كلمة المسلمين على الحق: فهم حريصون كل الحرص على وحدة المسلمين، ولمِّ شعثهم، وجمع كلمتهم على الحق، وإزالة أسباب النزاع والفرقة بينهم؛ لعلمهم أن الاجتماع رحمة، وأن الفرقة عذاب؛ ولأن الله_عز وجل_أمر بالائتلاف، ونهى عن الاختلاف كما في قوله_تعالى_: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا] (آل عمران:102، 103) .
بخلاف الذين يسعون للفرقة بين المسلمين، ويبذرون بذور الشقاق في صفوفهم، فيفرقونهم عند أدنى نازلة، ويحزبونهم ويؤلبون بعضهم على بعض، ويُغرون بعضهم ببعض.