فلا ينفعه حينئذ أي عمل يعمله؛ لأنه فقد الأصل، قال_تعالى_: [إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً] (النساء:48) .
وعن أبي هريرة÷قال: قال رسول الله":قال الله_تبارك وتعالى: =أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه+ (?) .
وإن فقد الإخلاص في عمل من الأعمال ذهب أجر ذلك العمل.
وبالجملة فالإخلاص هو تصفية العمل من كل شوب؛ بحيث لا يمازجه ما يشوبه من شوائب الشرك أو إرادة النفس: إما طلب التزين في قلوب الخلق، وإما طلب مدحهم والهرب من ذمهم، أو طلب تعظيمهم، أو طلب أموالهم أو محبتهم، أو خدمتهم، إلى غير ذلك من الشوائب التي عَقْدُ متفرقها إرادةُ ما سوى الله بالعمل.
فمدار الإخلاص على أن يكون الباعث على العمل أولاً امتثال أمر الله.
ولا حرج بعد هذا على من يطمح إلى شيء آخر، كالفوز بنعيم الآخرة، أو النجاة من أليم عذابها.
بل لا يذهب بالإخلاص بعد ابتغاء وجه الله أن يخطر في بال العبد أن للعمل الصالح آثاراً في هذه الحياة، كطمأنينة النفس، وأمنها من المخاوف، وصيانتها من مواقف الهوان، إلى غير هذا من الخيرات التي تعقب العمل الصالح، ويزداد به إقبال النفوس على الطاعات قوة على قوة.