وإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله، وأيقن بها، وقبلها، ولكنه لم ينقد لها، ولم يعمل بمقتضاها_فإن ذلك لا ينفعه، كما هي حال أبي طالب، فهو يعلم أن دين محمد حق، بل إنه ينطق بذلك ويعترف، حيث يقول مدافعاً عن الرسول":
والله لن يصلوا إليك بجمعهم **** حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك لا عليك غضاضة **** وافرح وقر بذلك منك عيونا
ولقد علمت بأن دينَ محمدٍ **** من خير أديان البرية دينا
لولا الملامةُ أو حِذارُ مسبةٍ **** لوجدتني سمحا بذلك مبينا
فما الذي نقص أبا طالب؟ الذي نقصه هو الإذعان والاستسلام.
وكذلك الحال بالنسبة لبعض المستشرقين؛ فهم يعجبون بالإسلام، ويوقنون بصحته ويعترفون بذلك، وتجد بعض المسلمين يهشون لذلك الإطراء، ويطربون لهؤلاء القوم، ويصفونهم بالموضوعية والتجرد.
ولكن إعجابَهم ويقينَهم واعترافَهم لا يكفي، بل لابد من الانقياد.
ومن عدم الانقياد ترك التحاكم لشريعة الله_عز وجل_واستبدالها بالقوانين الوضعية، الفرنسية، والإنجليزية، والسويسرية وغيرها.
5_الصدق: وهو الصدق مع الله، وذلك بأن يكون العبد صادقاً في إيمانه، صادقاً في عقيدته.
ومتى كان ذلك فإنه سيكون مصدقاً لما جاء في كتاب ربه، وسنة نبيه".
فالصدق أساس الأقوال، ومن الصدق أن يصدق في دعوته، وأن يبذل الجهد في طاعة ربه، وحفظ حدوده، قال_تعالى_: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ] (التوبة:119) .
وقال في وصف الصحابة: [ ... رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ] (الأحزاب:23) .
وقال: [وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ] (الزمر:33) .
وقد ورد اشتراط الصدق في الحديث الصحيح حيث قال": =من قال لا إله إلا الله صادقاً من قلبه دخل الجنة+ (?) .