للشهادة ركنان:
1_نفي في قوله (لا إله) . 2_إثبات في قوله (إلا الله) .
فـ: (لا إله) نفت الألوهية عن كل ما سوى الله، و: (إلا الله) أثبتت الألوهية لله وحده لا شريك له.
وهذا الأسلوب يعرف بأسلوب القصر، وهو أسلوب عربي معروف، وجملة القصر في قوة جملتين، إحداهما مثبتة، والأخرى منفية. وهذا الأسلوب من أقوى الأساليب التي يؤتى بها لتمكين الكلام وتقريره في الذهن؛ لدفع ما فيه من إنكار أو شك.
وطريقُ القصر في كلمة التوحيد: النفي والاستثناء.
ولا إله إلا الله في قوة قوله_تعالى_[إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] (الفاتحة:5) ، وقوله: [قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا] (الملك:29) .
فطريق القصر في الآيتين تقديم ما حقه التأخير؛ ففي آية الفاتحة قدم المفعول به (إياك) على الفعل (نعبد) .
وفي آية الملك قدم الجار والمجرور (وعليه) على الفعل (توكلنا) .
كما مر بنا أن معنى الشهادة هو لا معبود حق إلا الله، فلا يعبد إلا الله، ولا يجوز أن يُصرف أيُّ نوع من أنواع العبادة لغير الله؛ فمن قال هذه الكلمة عالماً بمعناها، عاملاً بمقتضاها؛ من نفي الشرك، وإثبات الوحدانية، مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل به؟ فهو المسلم حقاً، ومن عمل بها من غير اعتقاد فهو المنافق، ومن عمل بخلافها من الشرك فهو المشرك الكافر وإن قالها بلسانه.
لقد اجتمع لكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله) فضائل جمة، وثمرات عديدة، ولكثرة فضائلها كثرت أسماؤها، وما ذلك إلا لعظم ما تحمله تلك الكلمة في طياتها من عمق في المعنى والمدلول، فشأنها عظيم، ونفعها عميم، وفضائلها يقصر دونها الحصر والعد.
غير أن هذه الفضائل لا تنفع قائلها بمجرد النطق بها فقط، ولا تتحقق إلا لمن قالها مؤمناً بها، عاملاً بمقتضاها.
وفيما يلي ذكر لبعض ما هو مثبوت في كتب أهل العلم في فضل تلك الكلمة، وبيان أهميتها.