فالإنسان إزاء الأنبياء لا يملك إلا أن يقطع بصدقهم؛ إذ إن دعوى النبوة أعظم الدعاوى، ولا يدعيها إلا أصدق الناس أو أكذبهم، فالأنبياء هم أصدق الناس على الإطلاق؛ فظهور المعجزات على أيديهم، وتأييد الله لهم، وخذلانه لأعدائهم، وما جبلوا عليه من كريم الخلال، وحميد الخصال، كل ذلك يدل على صدقهم، وبالتالي نعلم أنهم مبعوثون من عند الله، وأنه_سبحانه_حق، وعبادته حق.
جـ_ دلالة الأنفس:
لقد صور الله الإنسان على أحسن صورة، وخَلَقَهُ في أحسن تقويم؛ كما قال_سبحانه وتعالى_[وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ] (التغابن: 3) .
وكما قال_عز وجل_[لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ] (التين: 4) .
ولو أن الإنسان أمعن النظر في نفسه وما فيها من عجائب صنع الله، ونظر ظاهره وما فيه من كمال خلقه، وأنه متميز عن سائر الحيوانات_لأدرك أن وراء ذلك رباً خالقاً حكيماً في خلقه، ولعلم أن هذا الخالق هو المنفرد بتدبير الإنسان وتصريفه.
يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي×في تقرير هذا المعنى عند قوله_تعالى_: [وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا] (الشمس: 7) : =وعلى كلٍّ فالنفس آيةٌ كبيرة من آيات الله التي يحق الإقسام بها؛ فإنها في غاية اللطف، والخفة، سريعة التنقل، والحركة، والتغير، والتأثر، والانفعالات النفسية من الهمة، والإرادة، والقصد، والحب.
وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثالٍ لا فائدة فيه، وتسويتُها على ما هي عليه آيةٌ من آيات الله العظيمة.
والمقصود أن نفس الإنسان من أعظم الأدلة على وجود الله وحده، ومن ثم تفرده بالعبادة+.
د_ هداية المخلوقات:
وهذا مشهد من مشاهد الحس الدالة على وحدانية الله_عز وجل_فلقد هدى الله الحيوان: ناطقه وبهيمه، وطيره ودوابه، وفصيحه وأعجمه إلى ما فيه صلاحُ معاشه وحاله.
ويدخل تحت قوله_تعالى_: [رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى] (طه:50) .