الحقائق الفلسفية والتاريخية.
على أننا نقول: إن كلاًّ من عمر وعلي رضي الله عنهما من أفراد البشر الممتازين بالعبقرية العليا، فعمر جدير بأن يفهم في الزمن القصير من القرآن والسنة ما لم يفهمه غيره في الزمن الطويل، وهو الذي شهد له الرسول بأنه من المحدَّثين (بفتح الدال المشددة) أي الملهمين المفهَّمين من الله تعالى (?) ، وبأن الله جعل الحق على لسانه وقلبه، وهو هو الذي نزل القرآن مرارًا موافقًا لرأيه وقال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو كان بعدي نبي لكان عمر) رواه أحمد [4 / 154] ، والترمذي [3686] وحسنه، والحاكم وصححه [3 / 85] وأقره الذهبي (?)
، وكان في شبابه صاحب سفارة قريش وعمدتهم في المفاخرة والمنافرة (?) ، فلولا أنه من أحفظهم وأفصحهم وأقواهم حجة لما ولّوه ذلك، فإذا كان قد سبقه أربعون رجلاً إلى الإسلام فلا يمكن لمن يفضل عليًّا وأبا بكر عليه في علمهما أن يفضل عليه باقي الأربعين، والتفاضل بين الثلاثة أنفسهم لا يسهل أن يثبت بقياس برهاني؛ وإنما الدلائل القطعية في فضائل عمر وعلي هي ما ثبت بالتواتر من سيرتهما العملية التي لا تحتمل التأويل.