وذاكرة بعض معارفه؛ إذ قال: إنه لم يكن ينسى في شبيبته شيئًا مما سمعه أو قرأه، وكان يتعجب ممن ينسى، وبعد بلوغه الثلاثين انقلب الأمر وانعكس، وأصبح يتعجب ممن يحفظ ولا ينسى، وأنه ما شكا هذا الداء لأحد إلا وشكا له مثله!!
فكأنه هو وأصحابه الذين شكا لهم حاله حجة الله القطعية على البشرية والمعيار لنابغي العلماء والحفاظ، ومثل عمر بن الخطاب.
وأنا أقول له: إنني بعد بلوغي الستين لم أنس شيئًا مما سمعته وقرأته، إلا الأمور التافهة التي لا ألقي لها بالاً، ولا أحب أن أحفظها، ولا أن أعيدها إذا ذكرتها؛ ولكنني منذ الصغر قليل الحفظ لأسماء الأعلام والأرقام واستحضار ما لم يتكرر على ذهني منها، وقوي الحفظ سريع الاستحضار للمسائل العلمية ولا سيما المعقولة منها، ومن عادتي أنني إذا ألقيت خطبة أو محاضرة أو سمعتها من غيري ونويت أن أعيدها أو أكتبها فإنني أعيدها بما يقرب من ألفاظها وبتحديد معانيها، وإذا لم أنو ذلك فإنني أتذكرها بعد ذلك بالإجمال لا بالتفصيل.
مثال ذلك بعض الخطب التي ألقيتها في سورية سنة