والزهر يلقاني بثغْرٍ باسمٍ ... والماء يلقاني بقلبٍ صافي
هذا ما شاهدته أول يوم مكثته فيها.
ولما لاح الصباح أزمعت على تسنم بعض جبالها وإمتاع الطرف بمشاهدة جليدها، فَقَلَّتْني عربة سارت بي على عَجَل صاعدة في طريق ذلك الوادي، وقد غَصَّت تلك الطريق بالعربات تحمل الغرباء السياحين، ومازلنا نرقى الطريق مدة
ساعتين، وقد اكتنفته مَهاوٍ عميقة ينحدر فيها ماء الغدران المتكسر من علو، وهو ما ذاب من الثلوج التي هي فوق الجبال، وترى له خريراً تصفو له النفوس، وتُصغي لنغمته الآذان، حتى وصلنا إلى وادٍ صغير يقال له جرندل فالد بين جبلين يقال لأحدهما شرك هورن ومعناه قرن الخوف وثانيهما يدعى فتر هورن ومعناه قرن الزعازع، ويُعَدُّ ذلك الوادي في الحقيقة كذروة جبل حيث إن ارتفاعه عن سطح البحر المحيط يبلغ 1057 متراً، وقد حططنا به الرحال طلباً للراحة ولأنه آخر مسير العربات؛ حيث لا يمكن لها مجاوزته لكثرة الغور والنجد، وألفينا به أوتيلاً أرحنا به الأجسام، وتناولنا طعام الغداء، وكنا نحو الثلاثين شخصاً رجالاً ونساء مختلفي الجنس واللغة. وبعدما حمدنا مولانا على ما أولانا، خرجنا للصعود على الأطواد، ولنا عزائم تعزم بها الجبال، وجأشٍ تستَجيشه الأبطال، وكان كل منا قد صحب مزراقاً من الخشب