منازلهم في البحر المحيط الهندي قريباً من الساحل، وكانوا يصنعونها من خشب الأشجار غير المقلَّمة، ويقيمونها على قاعدة أفقية من الأقصاب، فيربطون تلك المنازل في الساحل كيلا تسبح بهم، وكان إذا اشمأز أحد سكانها من جيرانه يحل رباط منزله، ويسير به إلى جهة أخرى.

النهر والأطفال

ومما شاهدته بتلك المدينة آباراً قديمة ينبعث عنها الماء بدون آلة، وذلك لحكمة ارتفاع نقطة مصدره كما هو مقرر في علم الطبيعة، وقد جعلوا لتلك الآبار حنفيات محكمة وأقاموا عليها تماثيل أشخاص وحيوانات من الحجر المنحوت، ومن جملتها رأيت تمثالاً يعطي صورة شخص مخيف الهيئة رافعاً بيديه تماثيل أطفال يسير بهم إلى البئر يكاد يلقيهم فيه، وهم على هيئة المستغيث وبمنطقته قد علق تماثيل أطفال كذلك، ومذ عاينت تلك الهيئة قلت لابد لذلك من حادثة تاريخية، وعلمت فيما بعد أن ذلك التمثال أقيم في العهد القديم إدخالاً للخوف على الأطفال، كيلا يقربوا من تلك الآبار، فكانت الآباء والأمهات يعرضون أطفالهم على ذلك المحل، ويحذرونهم من الدنو إليه لئلا يختطفهم التمثال، ويلقيهم في الآبار، وأما الآن فأرى الأطفال محتاطين به شغوفين برؤيته، حيث استؤصلت والحمد لله في هذا العصر شأفة التخيلات الكاذبة.

وبينما أنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015