ومنهم من أصابته سهام العيون، فأصبح خدن الشجون، وشرب كؤوس الصبابة، ولم يبق بها صبابة، وأنحل العشق قوامه، وزاد الهيام غرامه، وأغلب ذلك القسم هم الشبان والبنات، فنرى الواحدة منهن كأنها فلقة قمر، أو قطعة جوهر، تميل عن قوام ترقرق فيه ماءُ الحياة، كما سار فيه سر الجمال، وتلتفت ولا تلفتَ الظباء بوجه يرتوي الظمآن من مائه الزلال، وهي مع ذلك تشكو بثّ الهوى، وتبث شكوى الجوى.
ومنهم أولو الأشغال عقلية كالعلماء والكتبة وأولي الإدارة، أو بدنية كالصناع
وأرباب المعامل، فيقيم الجميع بتلك المدينة شهراً أو شهرين طلباً للشفاء.
ومتوسط عدد الغرباء الذين يأتونها مدة الصيف في كل سنة 60000 نفس: فمنهم من يقيم بها، ومنهم من يمر بها للتفرج. وأما عدد سكانها الوطنيين فهو 57500 نفس، وهي الآن تابعة لمملكة البروسيا منذ الحرب البروسيانية النمساوية، وذلك في سنة 1866 ميلادية، وكانت قبلئذ عاصمة لدوقية يقال لها ناسو.
وريثما نالت النفس كفايتها من مشاهدة تلك المدينة بارحتها رافعاً أكف الضراعة إليه سبحانه بأن يلبس الرجال والنساء ثوب العافية ويجرد الشباب والبنات عن ثوب السقام، ويلهمهم الصبر والسلوان عن الغرام.