ضُرب جرسٌ إيذانا لأحد الخَدَمة بحضوري ليهديني، فجاء إليَّ خادم يتدحرج يقل رجلاً ويضع أخرى لسمنه، فسرني منظره الذي قام لي دليلاً على أهمية منفعة ذلك الحمَّام، ثم طلبت منه أن يعرض علي أولاً ساحات ذلك الحمَّام لمشاهدتها، فسار أمامي وتبعته حتى أوصلني إلى قاعة عمومية، حيطانها وأرضها من الرخام، وفي وسطه فسقية تبعث بالماء المعدني على هيئة قبة، وحواليها كؤوس، فشربت منها ماء حارّاً
تغلب عليه الغضاضة مائلاً إلى الصفرة، ورسوم على حيطان تلك القاعة واقعة حال، ذلك أنهم صوروا شخصاً ملقى على سرير، ناحل البدن مريضاً، ثم صوروه وقد كشف عليه الطبيب وأمره بأن يتوجه إلى حمام الصحّة، ثم صورته وقد تم شفاؤه، وبيده اليسرى كشف الحساب ضارباً بيده اليمنى في جيبه يريد دفع الحساب. وقد رأيت ذلك حسناً وإن كان من باب تحلية البضاعة، ثم عرض علي عيناً طبيعية من العيون التي به وماؤها يفور فوراً أحاط بها بناء قديم أقامه الرومانيون مرقوم على حيطان القاعة التي هي بها كثير من الجمل باللغة اللاتينية، وبجوارها حوض عظيم متسع المساحة قديم، أيضاً، ينصرف فيه الماء لتبريده، فسرني رؤية ذلك كله مستعظماً ما صنعته يد الرومانيين في قارة أوروبا من تأسيسهم دعائم التمدن والعمران.