والبكري، والقزويني.
وغيرهم كثير، وها أنا آخذ في تتبعهم وتعريف أعمالهم التي شغف بها علماء أوروبا، واشتهروا لديهم بجميع المدارس العليا كاشتهار علماء النحو بين طلبة الجامع الأزهر العامر.
ولست ترى عالماً جغرافياً أو تاريخياً بقارة أوروبا إلا ولديه علم بتلك الكتب إن لم نقل بما حوته، ولم أقصد سادتي بحديثي هذا تشدقاً، كلا بل بعثاً من نشاطكم، وتنبيهاً من التفاتكم نحو ما قامت به أسلافكم، وتعبوا لأجله، وواصلوا الأيام بالليالي في رقمه، أكان عبثاً ما جاءوا به، حتى نتركه وراءنا ظِهْرياً أم لعباً فنهزأ به! ألم نكن نحن الجديرين بأن نقدر لأسلافنا قدر أعمالهم فنبحث وننقب عنها
وندرسها، فنعلم ما هدونا إليه، وننسج على منوالهم ونتمم مشروعاتهم!
تلك أعمالهم وتآليفهم بين ظهرانينا في كل فن وعلم، ولكن وا أسفاه! نراها ميتة في جلودها لا تجد لها باعثاً لروحها أو مطالعاً لأسطرها أو طابعاً لها! ألم يكن طبعها أولى من طبع ثلاثين جزءاً من قصة عنترة بن شداد، وأبي زيد الهلالي وسلامة، والزير سالم، وخضرا الشريفة، وغير ذلك مما لا يفيد العامة إلى تأخراً في المدنية والآداب.
فأقيموا أيها الأخدان الدعائم على ما أسسه لنا السلف؛ لنكون لهم خيرَ خلفٍ، وهيا بنا
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني