رسالة مراتب العلوم
قال الفقيه الإمام الحافظ أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم، رحمه الله: الحمد لله رب العالمين الذي أفاض علينا النعم الجزيلة، ومنحنا القوى الرفيعة، حمداً يرضيه عنا، ويقتضي لنا المزيد من آلائه (?) ومواهبه السنية، وصلى الله على سيدنا محمد، خيرته من الإنس، وصفوته من ولد آدم، المبعوث بالهدى لاستنفاذ من اتبعه من ظلمات الكفر وعمى الجهل إلى نور العلم.
أما بعد: فإن الله تعالى كرم بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق، وخصهم على سائر خليقته بالتمييز الذي مكنهم به من التصرف في العلوم والصناعات. فواجب على المرء ألا يضيع وديعة خالقه عنده، وأن لا يهمل عطية باريه لديه، بل فرض عليه أن يصونها باستعمالها فيما له خلق، وأن يحوطها في تصريفها فيما دعي إليه.
وبعد: فإن لكل مقام مقالاً، ولكل زمان حالاً، وإن السالفين قبلنا كانت لهم علوم يواظبون على تعليمها، ويورثها الماضي منهم الآتي. ثم إن من تلك العلوم ما بقي وبقيت الحاجة إليه، ومنها ما درس رسمه، ودثرت أعلامه، وانبت (?) جملةً فلم يبق إلا أسمه. فمن ذلك علم السحر، وعلم الطلسمات (?) ، فإن بقاياها ظاهرة