وظاهر القول مما يحكمه (?) البيان وينطق به اللسان وتصوبه اللغة وتقيمه الحجة وبصرفه (?) اللحن بأفانين النحو وتحبير المعاني في اللفظ، وإشعارها بالحس وتنبيهها بالجرس. وهذه - ولله الحمد - نعمة جليلة لله تعالى علينا لا نقوم بشكرها، وهل الحق إلا في النتائج اللازمة للمرء على طريق الاحتجاج أما سمعوا قول الله تعالى {فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} (الرحمن: 33) ، ولا خلاف أن السلطان هو الحجة، وقوله تعالى: {فلله الحجة البالغة} (الأنعام: 149) وإذا شهدوا لنا بالبيان فلله الحمد كثيراً، {الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان} ، (الرحمن: 1 - 2) ، أما علموا أن القرآن بيان من الله تعالى وإذا شهدوا لنا باللغة تصوب (?) قولنا، فقد فزنا - ولله الحمد - بالقدح المعلى (?) ، قال تعالى: {قرآناً عربياً} (يوسف: 2/ طه: 113/ الزمر: 28/ فصلت: 3/ الشورى: 7/ الزخرف: 3) ، فإذا اللغة تشهد [178 ب] لنا، والقرآن بأيدينا، فقد فلجنا (?) - ولله الحمد - وخاب وخسر من خالفنا.
وأما قولهم في خلال ذلك إنهم رأوا لنا تمثيلاً واشتقاقاً (?) فكذب بحت. أما الكذب فدعواهم علينا التمثيل، فلسنا نقول به ولله الحمد، لأنه من باب القياس الذي هو عندنا عين الباطل، لكنا نريهم بالتمثيل الذي يقرون به تناقض أقوالهم وإفساد بعضها بعضاً. وأما الاشتقاق، فقد عرف أهل المعرفة أننا (?) لا نقول به فيما عدا الأوصاف من الصفات فقط.
وأما قولهم (?) إنهم أنكروا كل هذا وقد فروا عنه: فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير. وإن من أنكر البيان والحجة وما يصوبه النحو واللغة وأشعر بالحس، لمخذول مسخم الوجه، ونعوذ بالله من الضلال. وكذلك إخبارهم بوقوع النفار لهذا الحق، وأنهم جعلوا كل ذلك بدعة، فلا جرم قد قيل في القرآن: {إن هذا إلا سحر يؤثر*