وأما قولهم: لوهن في طريقه فلم يصح، فهذا علم ما يدرى منهم أحد يدري فيه كلمة فما فوقها، ومن تكلم فيما لا يدري فقد تعرض لسخط الله، إذ يقول: {وتقولون لأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم} (النور: 15) .
ثم أطرف شيء قولهم: " أو لم يقع الإجماع على استعماله "؛ نسأل هذا الجاهل الذي أتى بهذه الطامة عن كل ما يدينون ما خالف فيه مالكاً سائر العلماء، وربما بعض أصحابه: هل وقع الإجماع على استعماله (?) أم لا فغن قالوا: وقع الإجماع على استعماله، كابروا أسمج مكابرة، وناقضوا بادعائهم الإجماع على ما فيه الاختلاف بإقرارهم. وغن قالوا: لم يقع الإجماع على استعماله، قيل لهم: فكيف تعيبون القول بما لم يقع الإجماع على استعماله وانتم تقولون في أكثر أقوالكم بما لم يقع الإجماع على استعماله ولو أن من هذا مبلغه من العلم سكت، لكان أولى به وأسلم، والحمد لله على مننه.
4 - ثم قالوا: " وليس يشك أن المتقدمين من الصحابة والتابعين والسلف الماضين قد بحثوا عنه ووقفوا منه على حقيقة أوجبت تركه أو استعماله (?) ، فسكتوا عن ذلك للمعرفة الثابتة التي وردتهم (?) ، وإنهم في غير الثقة والقبول غير متهمين ".
فالجواب - وبالله تعالى التوفيق - إنه جرى (?) أيضاً في هذا الفصل أيضاً من البرد والغثاثة على مثل ما جرى عليه قبل هذا. ويقال لهم: هل اتفقوا -[اعني] الصحابة والتابعين والسلف الماضين - على كل شيء من مسائل الدين حتى لم يختلفوا، أو اختلفوا فان هم (?) قالوا: لم يختلفوا في كل مسألة، ظهر كذبهم على جميعهم وصاروا في نصاب من يرجم لعظم ما تقحم [174/أ] فيه. وإن قالوا: اختلفوا في كثير من المسائل، قيل لهم: صدقتم، فأما ما اجتمعوا عليه فنحن الذين اتبعوا إجماعهم، ولله الحمد كثيراً، وإنما خالف إجماعهم من دعا إلى تقليد إنسان بعينه، كما فعل هؤلاء في تقليدهم مالكاً دون غيره، ولم يكن قط في الصحابة، ولا في