رسائل ابن حزم (صفحة 638)

أحدهما سبتة وطنجة، وهو علي الأصغر منهما؛ وولي القاسم الجزيرة الخضراء، وبين الموضعين المجاز المعروف بالزقاق، وسعة البحر هناك اثنا عشر ميلاً. وافترق العبيد، إذ دخل البربر مع سليمان قرطبة، فملكوا مدناً عظيمة، وتحصنوا فيها، فراسلهم علي بن حمود المذكور، وقد حدث له طمعٌ في ولاية الأندلس، وكتب إليهم يذكر لهم أن هشام بن الحكم إذ كان محاصراً بقرطبة كتب إليه يوليه عهده، فاستجابوا له وبايعوه، فزحف من سبتة إلى مالقة، وفيها عامر بن فتوح الفائقي مولى فائق، مولى الحكم المستنصر، فأطاع له وأدخله مالقة، فتملكها علي بن حمود، وأخرج عنها عامر بن فتوح، ثم زحف بمن معه من البربر وجمهور العبيد إلى قرطبة، فخرج إليه محمد بن سليمان في عساكر البربر، فانهزم محمد بن سليمان، ودخل علي بن حمود قرطبة وقتل سليمان بن الحكم صبراً، ضرب عنقه بيده يوم الأحد لتسع بقين من المحرم سنة سبع واربعمائة، وقتل أباه الحكم بن سليمان بن الناصر أيضاً في ذلك اليوم، وهو شيخ كبير له اثنتان وسبعون سنة، فكانت مدة سليمان مذ دخل قرطبة إلى أن قتل ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر وأياماً، وقد كان ملكها قبل ذلك ستة أشهر وأياماً، وانقطعت دولة بني أمية في هذا الوقت وذكرهم على المنابر في جميع أقطار الأندلس، إلى أن عاد بعد ذلك في الوقت الذي نذكره إن شاء الله.

وكانت أمه أم ولد اسمها ظبية، ومولده سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وترك من الولد ولي عهده محمداً لم يعقب، والوليد ومسلمة.

وكان سليمان أديباً شاعراً، أنشدني أبو محمد علي بن أحمد قال: أنشدني فتى من ولد إسماعيل بن إسحاق المنادي الشاعر (?) كان يكتب لأبي جعفر أحمد بن سعيد بن الدّب قال، أنشدني أبو جعفر قال، أنشدني أمير المؤمنين سليمان الظافر لنفسه، قال أبو محمد: وأنشدنيها قاسم بن محمد المرواني (?) قال: أنشدنيها وليد بن محمد الكاتب لسليمان الظافر (?) : [من الكامل]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015