رسائل ابن حزم (صفحة 612)

وعندهم ظاهراً، لقرب المزار وكثرة السُّفار، وترددهم إليهم، وتكررهم علينا.

2 - ثم لما ضمنا المجلس الحافل بأصناف الآداب، والمشهد الآهل بأنواع العلوم، والقصر المعمور بأنواع الفضائل، والمنزل المحفوف بكل لطيفة وسيعة من دقيق المعاني وجليل المعالي، قرارة المجد ومحل السؤدد، ومحط رحال الخائفين، وَمُلْقَى عصا التسيار، عند الرئيس الأجل الشريف قديمه وحسبه، الرفيع حديثُه ومكتسبه، الذي أُجله عن كل خطة يشركه فيها من لا توازي قومته نومته، ولا ينال حُضْرُهُ (?) هويناه، وأربأ به عن كل مرتبةٍ يلحقه فيها من لا يسمو إلى المكارم سموه، ولا يدنو من المعالي دنوه، ولا يعلو في حميد الخلال علوه، بل أكتفي من مدحه باسمه المشهور، وأجتزي من الإطالة في تقريظه بمنتماه المذكور، فحسبي بذينك العلمين دليلاً على سعيه المشكور وفضله المشهور، أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن قاسم صاحب البونت (?) ، أطال الله بقاءه، وأدام اعتلاءه، ولا عطل الحامدين من تحليهم بحلاه، ولا أخلى الأيام من تزينها بعلاه، فرأيته أعزه الله تعالى حريصاً على أن يجاوب هذا المخاطب، وراغباً في أن يبين له ما لعله قد رآه فنسي، أو بعد عنه فخفي، فتناولت الجواب المذكور، بعد أن بلغني أن ذلك المخاطب قد مات، رحمنا الله تعالى وإياه، فلم يكن لقصده بالجواب معنى، وقد صارت المقابر له مغنى، فلسنا بمسمعين من في القبور، فصرفت عنان الخطاب إليك، إذ من قبلك صرت إلى الكتاب المجاوب عنه، ومن لدنك وصلت إلي الرسالة المعارضة، وفي صول كتابي على هذه الهيئة حيثما وصل كنايةٌ لمن غاب عنه من أخبار تآليف أهل بلدنا، مثلما غاب عن هذا الباحث الأول، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وإن كنت في إخباري إياك بما أرسمه في كتابي هذا " كمهد إلى البركان نار الحباحب "، وباني صوىً في مهيع القصد اللاحب، فإنك وإن كنت المقصود والمواجه فإنما المراد من أهل تلك الناحية من نأي عنهم علم ما استجلبه السائل الماضي، وما توفيقي إلا بالله سبحانه.

3 - فأما مآثر بلدنا فقد ألف في ذلك أحمد بن محمد الرازي (?) التاريخي كتباً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015