رسائل ابن حزم (صفحة 469)

الإنصاف في المؤرخ، وخاصة حين تتطابق لديه شخصية المؤرخ مع شخصية المتكلم الجدل. وكلتا الصفتين لا يمكن نفيها عنه أو الإقلال من تأثيرها في نفس من يدرس دور المؤرخ لديه، ولكن مزيداً من التعرف إلى شخصيته في إخلاصه وصدقه وصراحته واعتداده بذكائه واطلاعه يجعل قبول هاتين الخاصيتين أمراً ممكناً؛ فالحسم البات لا يكون إلا من ثقة لا يشوبها غرور كي يجد قبولاً، والحدة قد تكون ذات علاقة بوضع نفسي أو تعويضاً عن فقدان شيء ما (?) ، وحين تخرج إلى السب والتندر والدعاء على الخصم بالويل والثبور تتجاوز مرحلة القبول الموضعي، وإن تكن متصلة بطرائق المناظرة والجدال يومئذ. ترى لو لم يتطابق المؤرخ والمناظر في ابن حزم هل كانت هذه الحدة تجيء أقل سطوعاً أعتقد أن الجواب بالنفي، فهي حدة لم يستطع التخلي عنها من ساهم الدكتور محمود مكي " جيل الفتنة البربرية " من أمثال ابن حزم وابن حيان وابن شهيد، كما لم يستطيعوا أن يتخلوا عن السخرية؛ كانوا نتاج فترة " إحباط " نفسي، عبر عنه كل واحد مهم بطريقته، وإذا كان ابن حزم يصك معارضه برأيه صك الجندل (?) - فيما يقول ابن حيان - فليس ابن حيان فيما يصوره من شخصيات وأوضاع بأقل عنفاً - إن اختلف نوع العنف - وليس ابن شهيد صاحب التوابع والزوابع ورسائل أخرى بأقل سخرية منهما.

نظرة في الرسائل المدرجة في هذا الجزء

- 1 -

نقط العروس في تواريخ الخلفاء (?)

سمَّاها ابن حيان " نقط العروس في نوادر الأخبار " (?) وذلك عنوان أدلُّ على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015