فأضرب عن اللفظ الذي هو القول والكلام وتعدى إلى اللفظ (?) الذي هو القذف كلفظ الرجل لقمة من فيه. فهذا ونحوه شعاوذ مضمحلة.
وكذلك ينبغي لك (?) أن تتحفظ من اشتباه الخط ولا سيما في الخط العربي فأن ذلك فيه فاش لأن لأكثر حروفه (?) لا يفرق بينها في الصور إلا بالنقط كزبد [79و] وزيد (?) وزند وربد ورند (?) وما أشبه ذلك. وقد كتب بعض الخلفاء إلى عامله: احص المخنثين قبلك، يريد إحصاء العدد، فقرأها الكاتب " اخص " فخصى كل من كان قبله منه. ولهذا صار طالب الحقائق مضطرا إلى قراءة (?) النحو. ألا ترى أن قارئا لو قرأ: إنما يخشى الله من عباده العلماء، فرفع الهاء من الله ونصب الهمزة من العلماء قاصدا إلى ذلك، وهو عالم، لكان ذلك خروجا عن الملة وكذلك لو قرأ: إن الله بريء من المشركين ورسوله - بكسر اللام من رسوله - فتحفظ من مثل هذا تحفظا شديدا على ما نصف لك بعد هذا، إن شاء الله عز وجل.
ومن ذلك أشياء تقع في العطوف محيرة، كنحو ما غلط فيه جماعة من العلماء في قول الله عز وجل: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} (آل عمران: 7) فظنوا أن " الراسخون في العلم " معطوفون على الله عز وجل؛ وليس كذلك وإنما هو ابتداء كلام وقضية، وعطف جملة على جملة، لبرهان ضروري قد ذكرناه في موضعه.
ومن السفسطة أيضا تصحيح شيء آخر، وبطلانه ببطلان شيء آخر، بلا برهان يوجب إضافتهما. فلذلك فاسد جدا، كقول من قال: لو جاز أن يكون الباري عز وجل مرئيا رؤية غير المعهودة لجاز أن يشم شما غير المعهود (?) ؛