بمنه.
وإذا وصلت إلى هذا الفصل فقف عنده وارم بفكرك (?) إلى ما تكلمنا لك فيه آنفاً من المتلائمات التي عبرنا عنها بعبارات لعل بعض (?) أهل الغفلة الذين نرغب من صلاحهم أكثر مما يرغبون من صلاح أنفسهم يقول عند نظره فيها: لقد تعنى هذا المؤلف في شيء يساوبه في المعرفة به كل أحد، فليعلم أننا إنما ننظر المعاني بألفاظ متفق عليها لتكون قاضية على ما يغمض فهمه مما ليس من نوعها (?) ، فهاهنا يلوح لك فضل كلامنا آنفاً في المتلائمات وترتاح لفهمه جداً.
وإذ قد قدمنا في أول كتابنا أنه لا سبيل إلى معرفة حقائق الأشياء إلا بتوسط اللفظ فلا سبيل إلى نقل موجب العقل عن موضعه من كون الأشياء على مراتبها التي رتبها عليها بارئها جل وعز، ولا سبيل إلى نقل مقتضى اللفظ عن موضعه الذي رتب للعبارة عنه، وإلا ركبت الباطل وتركت الحق وجميع الدلائل تبطل نقل اللفظ عن موضوعه في اللغة ولا دليل يصححه أصلاً.
فإن قال قائل: قد وجدنا لفظاً منقولاً، قيل له: ذلك الذي وجدت قد تبين (?) لنا أنه هو موضوعه في ذلك المكان ولم تجد ذلك فيما تريد (?) إلحاقه به بلا دليل، وليس كل مسمى (?) وجدته منقولاً عن رتبته بدليل موجباً (?) أن تنقله أنت إلى غيره (?) برأيك بلا دليل، فإن كان حكمك في إيجاب نقل ما لم تجد دليلاً ينقله لأنك قد وجدت لفظاً آخر [70و] منقولاً حكماً صحيحاً، فقد وجدت أيضاً في