ومحصل هذا أن لبيد أراد إلحاق ضرر بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعمل عملاً في مشط ومشاطة، الخ. فهل من شأن ذلك أن يؤثر، قد يقال: لا ولكن إذا شاء الله تعالى خلق الأثر عقبه والأقرب أن يقال: نعم بإذن الله، والإذن هنا خاص. وبيانه أن الأفعال التى من شأنها أن تؤثر ضربان: الأول: ما أذن الله تعالى بتأثيره إذنًا مطلقًا ثم إذا شاء منعه، وذلك كالاتصال بالنار مأذون فيه بالإحراق إذنًا مطلقًا قلما أراد الله تعالى منعه، قال: {يانار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم}.
الضرب الثاني: ما هو ممنوع من التأثير منعًا مطلقًا، فإذا اقتضت الحكمة أن يمكّن من التأثير رفع المنع فيؤثر، وقوله تعالى في السحر: {وما هم بضارّين به من أحد إلاّ بإذن الله} يدل أنه من الضرب الثاني وأن المراد بالإذن، الإذن الخاص، والحكمة في مصلحة الناس تقتضى هذا، والواقع في شئونهم يشهد له، وإذا كان هذا حاله فلا غرابة في خفاء وجه التأثير علينا.
المقام الثالث: النظر في كلام الشيخ محمد عبده وفيه ثلاث قضايا: القضية الأولى: قال: (فعلى صحته هو آحاد والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد).
أقول: أما صحته فثابتة بإثبات أئمة الحديث لها فإن أراد الصحة فى نفس الأمر فهب أنا لا نقطع بها ولكنا نظنها ظنًا غالبًا، وعلى كلا الحالتين فواضعو تلك القاعدة لا ينكرون أنه يفيد الظن، ومن أنكر ذلك فهو مكابر، وإذا أفاد الظن فلا مفر من الظن وما يترتب على الظن، فلم يبق إلا أنه لا يفيد القطع، وهذا حق في كل دليل لا يفيد إلا الظن.
القضية الثانية: أنّه مناف للعصمة في التبليغ، قال: فإنه قد خالط عقله