(فانتبه من نومه ذات يوم) وهو محمول على ما ذكرت، وعلى تقدير حمله على الحقيقة فرؤيا الأنبياء وحي، ووقع في حديث ابن عباس عند ابن سعد بسند ضعيف جدًا (فهبط عليه ملكان وهو بين النائم واليقظان).
قوله: (فقال: مطبوب) أي: مسحور يقال: طب الرجل -بالضم- إذا سحر، يقال: كنوا عن السحر بالطب تفاؤلاً، كما قالوا للديغ: سليم، وقال ابن الأنباري: الطب من الأضداد، يقال لعلاج الداء طب، والسحر من الداء ويقال له: طب.
وأخرج أبوعبيد من مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: احْتجم النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم على رأسه بقرْن حيْن طبّ. قال أبوعبيد: يعني سحر.
قال ابن القيم بنى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأمر أولاً على أنه مرض وأنه عن مادة مالت إلى الدماغ وغلبت على البطن المقدم منه فغيرت مزاجه، فرأى استعمال الحجامة لذلك مناسبًا فلما أوحي إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه، قال: ويحتمل أن مادة السحر انتهت إلى إحدى قوى الرأس حتى صار يخيّل إليه ما ذكر، فإن السحر يكون من تأثير الأرواح الخبيثة، وقد يكون من انفعال الطبيعة وهو أشد السحر، واستعمال الحجم لهذا الثاني نافع، لأنه إذا هيّج الأخلاط وظهر أثره فى عضو كان استفراغ المادة الخبيثة نافعًا في ذلك، وقال القرطبي: إنما قيل للسحر طب لأن أصل الطب الحذق بالشيء والتفطن له فلما كان كل من علاج المرض والسحر إنما يتأتى عن فطنة وحذق أطلق على كل منهما هذا الاسم.
قوله: (في مشط ومشاطة) أما المشط بضم الميم، ويجوز كسرها أثبته أبوعبيد وأنكره أبوزيد، وبالسكون فيهما، وقد يضم ثانيه مع ضم أوله