فكان كل من يرتد عن دينه يستهدف لسخط المسلمين الشديد وينفصل عن المجتمع الإسلامي الذي يعيش فيه بطبيعة الحال وتنقطع بمجرد ارتداده بينه وبين ذوي قرابته الأواصر والأرحام، وكانت الردة انتقالاً من مجتمع إلى مجتمع، ومن حياة إلى حياة، وكانت الأسرة تقاطعه وتهجره وتقصيه، فلا مصاهرة، ولا زواج، ولا إخاء ولا توارث وكانت حركات الردة تثير روح المقاومة في المسلمين والمقارنة بين الديانات، والدفاع عن الإسلامي، وكل قطر من أقطار المسلمين ظهرت فيه حوادث الردة تحمس علماء المسلمين ودعاة الإسلام وحملة الأقلام فيه للرد عليها وتتبع أسبابها، وعرض محاسن الإسلام ومزاياه، واجتاحت المجتمع الإسلامي موجة عنيفة من السخط والاستنكار والقلق، وكانت هذه الحوادث المقيمة المقعدة للمسلمين وكانت الحديث العام والشغل الشاغل للعامة فضلاً عن الخاصة وأهل الغيرة الدينية، هذا ما اتسمت به حوادث الردة، على ندرتها وشذوذها وعلى عدم تأثيرها في الحياة.

ولكن جرب العالم الإسلامي في العهد الأخير ردة اكتسحت عالم الإسلام من أقصاه إلى أقصاه ونبذت جميع حركات الردة التي سبقتها في العنف وفي العموم، وفي العمق، وفي القوة، ولم يخل منها قطر، وَقَلَّمَا خلت منها أسرة من أُسَرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015