الدخان" (?) وغيرها، فَلْتُطَالَع.
وأيضًا، لو تمَّ هذا الدليل لم يخصَّ بخطبة الوداع، بل جرى في كلِّ خطبةٍ صنَّفها العلماء، وقرأها الخطباء بعباراتٍ جديدة لم تُنْقَل عن حضرة الرسالة والصَّحابة ومَنْ بَعدهم ممَّن تَبِعَهم.
والحلُّ: أنَّ أصلَ وضعِ الخُطبة لتذكير نِعَم الله، والتخويفِ من عذابِ الله، والمقْصودُ منها إنَّما هو الترغيب والترهيب، وتعليمُ الأحكام، فكل ما اشتَمَل عليه يحصلُ به المَرام، سواءٌ كانت معانيه وألفاظه بعينها مأثورة، أو كانت مُختَرعةً مُحْدَثة، فليسَ الاختراع في مثلِ ذلك موجبًا للضلالة، وإلَّا للزم حَصْرُ الخُطَب في الخطب المنقولة عن أصحابِ القرون الثلاثة، ولم تقُل به أحدٌ من العلماء، فلم يَزل الفُضَلاء يصنِّفون خطبًا مُشْتَملةً على ألفاظٍ جديدة، ومعاني غريبة، ولم يزل الخُطَبَاء يَنحِتون ترغيباتٍ وترهيباتٍ من غير قَصْرٍ على الألفاظِ المأثورة.
نعم يجب ألا يكون اختراع الألفاظ والمعاني مُفَوَّتًا لأصْل مَقْصودِ الخُطْبة، وأن لا يكون مغيِّرًا لوضع الخطبة، كالعبارات الفارسيّة والهنديّة وغيرها التي تُغيِّر وضعَها، فإنَّ وضعها إنَّما هو بالعربية لا غيرها.
الوجه الثاني: ما ذكره بعضُ أفاضلِ عصرنا (?) في مَنْهيات رسالته