ومن ذلك حديث عائشة رضى الله عنها، لما قيل له صلى الله عليه وسلم، إن صفية زوجه – حائض – قال: عقرى حلقى" (?) فقوله: "عقرى" أى عقرها الله، وأصابها بجرح فى جسدها، وقيل جعلها عاقراً لا تلد، وقيل عقر قومها.
ومعنى "حلقى" أى حلق شعرها، وهو زينة المرأة، أو أصابها وقوع فى حلقها، أو حلق قومها بشؤمها، أى أهلكهم (?) .
فهذا أصل هاتين الكلمتين، ثم اتسع العرب فى قولهما، بغير إرادة حقيقتهما، ففى ذلك كله دلالة، على استعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جرت به العادة فى الخطاب، ولا يراد به حقيقته، فكثيراً ما ترد للعرب ألفاظ، ظاهرها الذم، وإنما يريدون بها المدح، كقولهم: لا أب لك، ولا أم لك، ونحو ذلك. فاشفق صلى الله عليه وسلم، على من دعا عليه، بمثل ما سبق، أن يوافق القدر، فسأل ربه عز وجل، أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة، وهذا من جميل خلقه العظيم.