سادساً: فإن قيل: كيف يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم على من ليس هو بأهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه أو يجلده؟ فالجواب ما أجاب به العلماء من ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى، وفى باطن الأمر، ولكنه فى الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون فى باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو صلى الله عليه وسلم، مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر، والأحاديث فى الدلالة على ذلك كثيرة، اكتفى منها بما روى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: بعث على بن أبى طالب رضى الله عنه، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من اليمن بذهيبة فقسمها بين أربعة، فقال رجل يا رسول الله، اتق الله. فقال: ويلك! أولست أحق أهل الأرض أن يتقى الله. ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد، يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال: لا لعله أن يكون يصلى، فقال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم" (?) .

... ففى قوله: "إنى لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم" دلالة على ما أجمع عليه العلماء فى حقه صلى الله عليه وسلم، من الحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015