رحمه للعالمين (صفحة 80)

وحلت أسماء بنت أبي بكر نطاقها فجعلته عصاما للسفرة، وفي ظلمة تلك الليلة انطلقا حتى وصلا غار ثور على بعد حوالي أربعة أميال من مكة وكانت الطريق وعرة حتى أدمى قدمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصابه الألم من الركض، فحمله أبو بكر رضي الله عنه على كتفه. حتى وصلا في النهاية إلى غار، فدخل أبو بكر أولا فنظفه وسد جحوره بمخاريق من ثوب جسده وبعدها طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل.

وطلع الصبح واستيقظ علي رضي الله عنه كعادته كل يوم وجاءته قريش وسألته عن محمد فأجاب علي وما أدراني أكنت عليه رقيبا، أمرتموه بالخروج فخرج، فانتهروا عليا وعنفوه من غضبهم وضربوه وأخذوه إلى الجعبة وحبسوه لفترة ثم تركوه (?).

وقدم هؤلاء إلى بيت أبي بكر، فدقوا بابه، فخرجت أسماء بنت أبي بكر إليهم، فسألها أبو جهل: أين أبوك يا ابنة أبي بكر؟ فقالت والله لا أعلم. فرفع أبو جهل - وكان فاحشا خبيثا - يده ولطم خدها لطمة طرحت منها قرطها (?).

القوة الإيمانية لأسماء بنت أبي بكر:

وهناك أمر بسيط يتعلق بالهجرة تجدر الإشارة إليه هنا، تقول أسماء بنت أبي بكر الصديق، لما خرج أبي حمل معه ماله كله، وكان خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم. وجاءني جدي أبو قحافة (?) بعد رحيل أبي فقال: إني أراه قد فجعكم بماله مع نفسه فقد ذهب هو وأخذ معه ماله.

تقول أسماء، لا يا جدي، لقد ترك لنا مالا وافرا وأخذت أسماء أحجارا وضعتها في كوة البيت ووضعت عليها ثوبا وأخذت بيد جدها الذي كف بصره إلى الكوة وهي تقول له ضع يدك. المال موجود، فقال العجوز، لا بأس إذا كان قد ترك لكم المال، ولا حزن الآن على ذهاب أبي بكر، حسنا فعل أبو بكر، فهذا يكفيك.

تقول أسماء. لقد أردت أن أسكن الشيخ بذلك، فقد حمل والدي كل شيء معه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015