فدمرت الأخلاق وأعاقت التقدم الإنساني.
د - وفي الهند كان عصر "بران" (?) قد بدأ، وسيطرت طائفة "بام مارك" التي كانت تدعو النالس إلى مبادئها القذرة، فكانت تماثيل النساء والرجال العارية توضع في المنادر (...)، ليعبدها الناس.
هذا بالإضافة إلى أن جدران دور العبادة وأبوابها كانت مزخرفة بصور فاحشة لا يملك أمامها الإنسان المهذب إلا الشعور بالاشمئزاز والنفور.
هـ - أما سكان الصين فاعتبروا بلدهم مملكة للابن السماوي وهكذا أعرضوا عن الله، وجعلوا لكل أمر من أمور الحياة صنما ووثنا: صنم المطر، صنم الإنجاب، صنم الحرب، صنم السلم، وكان عقاب هذه الأصنام من سلطة الملك، ولم يكن كونفوشيوس، الذي يعد مصلح الصين، قد ظهر بعد.
و- وفي مصر سيطرت النصرانية بقوة، ويوما بعد يوم كانت تظهر معتقدات جديدة فيما يتعلق بالتعريف بشخصية المسيح عليه السلام وأبنيته وتحديدهما، وفيما يتعلق بأشكال التوحد والتفرق، وهكذا ظهرت فرق جديدة، تكفر كل واحدة منها الأخرى، ولا تتورع عن قتل أو تحريق معارضيها.
هذا موجز مختصر عن أحوال البلاد التي خضعت لحكومات عظيمة وشرائع، وكانت كل واحدة منها تفخر بعلمها وحضارتها على الأخرى.
ز - وهكذا كان حال الجزيرة العربية كحال البلاد سابقة الذكر، مع ملاحظة أنها لم تخضع لقرون لحكم أي ملك، ولم تتأثر بأي قانون، كما لم يصلها هاد يرشدها إلى الطريق القويم، وبالإضافة إلى الحرية البهيمية (?) فإن الجهل والانعزال والبعد عن الأمم المتحضرة قد زاد من تدهور الأحوال أكثر فأكثر، وهذه الحالة السيئة للغاية هي التي جعلتهم جديرين بالرحمة، فشاءت إرادة الله تعالى أن تكون الجزيرة العربية هي منطلق الدعوة لإصلاح العالم وهدايته.