وقال أنا رسول الله إليكم، أرسلت لكم بتمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا واستوفوا، فأكلنا حتى شبعنا، ودخلنا المدينة فإذا بالرجل قائم على المنبر يخطب الناس، فأدركنا من خطبته قوله "تصدقوا فإن الصدقة خير لكم، اليد العليا خير من اليد السفلى، أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك".
قدم ثلاث عشرة رجلا من قبيلة تجيب، حاملين معهم صدقات أموال ومواشي قومهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ردوها فاقسموها على فقرائكم، فقالوا ما قدمنا عليك إلا بما فضل عن فقرائنا.
فقال أبو بكر: ما وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تجيب.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الهدى بيد الله عز وجل فمن أراد به خيرا شرح صدره للإيمان.
وسأل هؤلاء الناس رسول الله أشياء فكتب لهم بها (?) وكان هؤلاء الناس راغبين بشدة في تعلم القرآن والسنن فأمر رسول الله بلالا بأن يحسن ضيافتهم.
وأظهر القوم رغبة شديدة في العودة، فسألهم الصحابة: ما يعجبكم البقاء بيننا؟ فقالوا: بل نريد أن نرجع لمن وراءنا، فنخبرهم بتشرفنا برؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما نلناه من فيض كلامه، وما شرفنا به من بركات وفوائد.
فأجازهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرفع ما كان يجيز به الوفود وودعهم وسألهم هل بقي منكم أحد، فقالوا، نعم، صبي خلفناه على رحالنا، فقال أرسلوا إليه فحضر وقال: يا رسول الله، لقد قضيت حوائج قومي فاقض حاجتي.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وما حاجتك؟
قال الصبي: إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي، ولو أني أعرف أنهم قدموا راغبين في الإسلام وأحضروا صدقاتهم.
وسأله النبي عما يريد، فقال: