القرار الذي عده غمطا لحقوقة، وقرر الخروج على الرّابيّين وشجب تعاليمهم ورفض تلمودهم.
وكان العراق يومئذ، في خلافة أبي جعفر المنصور، يحفل بمختلف الميول والنزعات الفلسفية، بفضل احتكاك الفكر الإسلامي بثقافة الفرس واليونان. وكان بعض علماء اليهود قد تأثروا بآراء المعتزلة وأصحاب «الكلام» من المسلمين، فصاروا ينتقدون تعاليم الرّابيّين ويتحفزون للخروج على أحكام التلمود وقيوده. وكان على رأس هذه الحركة الفكرية الجديدة ثلاثة من علماء اليهود هم الرّابيّون إفرايم، وأليشع المعلم، وحنوكة، فوجدوا بثورة عنان ضالتهم المنشودة، بالنظر لمقامه ونفوذه الذي كاد أن يرتفع به إلى رئاسة الجالوت، فنصبوه على رأس حركتهم، وصاروا يعرفون بالقرائين أو بني المقرأ «1» إشارة إلى تمسكهم بالمعنى الحرفي للتوراة ورفضهم ما عداها من كتب التشريع الإسرائيلي «2» وتمييزا لهم عن اليهود الربانيين الذين يتبعون تعاليم التلمود في شرح وتفسير أحكام التوراة.
وكان طبيعيا أن تقوم قيامة الرّابيّين على عنان وأصحابه. فانبروا يكافحون بدعته ويقاومون نحلته بما أوتوا من حول وطول، قبلما يستفحل أمرها ويشتد ساعدها. فرفع رأس الجالوت قضية عنان إلى الخليفة أبي جعفر المنصور. وكان الخليفة يومئذ يتوجس شرا من