بوساطتها مراكب القرصان القادمة من أنحاء الروم وبلاد المغرب، من مسافة خمسين ميلا عن الشاطئ، فتتخذ الأهبة لمنازلتها. وحدث بعد وفاة الإسكندر بعصور عديدة، أن قدم إسكندرية مركب يقوده ملاح رومي ذو حيلة ودهاء يدعى تيودرس، وكانت بلاد الروم يومئذ محكومة من مصر. فأحضر الرومي لملك مصر تحفا وهدايا نفيسة من فضة وذهب وأثواب الحرير، وألقى مرساه بإزاء المنار، في الموضع الذي ترسو السفائن القادمة من وراء البحر. ثم تودد إلى حارس المنار وصار يأدب له المآدب، يدعو إليها أعوانه أيضا حتى توثقت عرى الصداقة بين الاثنين.
وفي ذات يوم كان حارس المنار وأعوانه يعاقرون الخمر عند الملاح الرومي، فأغرقوا بالشراب حتى تولاهم سبات عميق. فانتهز الملاح فرصة نومهم فصعد إلى أعلى المنار ومعه عبيده فحطموا المرايا ولاذوا بالفرار في جنح الظلام. وبعدها صار الروم يغيرون بسفنهم الكبيرة فاستولوا على جزيرتي إقريطش (كريت) وقبرص فدخلتا في حكم الروم إلى يومنا هذا. فلم يعد بإمكان أهل مصر الوقوف بوجه الروم.