أموالهم في إسبانيا والبرتغال، وكان لهذا نتائج خطيرة في كل من جنوة والبرتغال وإسبانيا ... ولم تكن جنوة- وكذلك البندقية- تقيم وزنا للمسائل العقائدية، فالمال والمال وحده هو المحرّك لهم في توجهاتهم السياسية بل والعسكرية. لقد تعاونوا مع المسلمين والمسيحيين على سواء، وقدموا العون للعثمانيين والأوربيين على سواء، مما دفع البابا بيوس الثاني في القرن الخامس عشر لأن يصف كل بندقي، وكل جنوي بأنه عبد للاستعمار التجاري «الوسخ sordid «وذلك على حد تعبير البابا.
وقد عانى أهل إسبانيا بالذات من تجار وصيارفة جنوة، فقد كانوا- أي أهل إسبانيا- فلا حين لا يتقنون ألاعيب الصيارفة. ألا يفسر هذا ما علّق به بنيامين على حال أهل جنوة رغم قلة تعليقاته في كتابه هذا الذي يعدّ بمثابة تقرير عن يهود العالم في عصره (القرن الثاني عشر للميلاد) ، ورغم أنّ تعليقه صحيح من الناحية التاريخية إلا أنه (أي بنيامين) لم يكن هكذا في كل المواقف حريصا على التعليق، ربما كان هذا ليؤكد المثل القائل (عدوّك ابن كارك) . أما عن اليهود في روما- عقر دار المسيحية- فلم يكن اليهود ليتخلوا عن موقعهم فيها، فمنهم دائما نفر في موقع كل سلطة كبرى لا يتخلون عنه إلا إذا أجبروا على ذلك، فحول بعض الخلفاء العباسيين وجدناهم، وحول معظم الخلفاء الفاطميين وجدناهم، وفي بلاط الباباوية لابد أن نجدهم، وما كان هذا ليروق للمجامع الكنسيّة غالبا، لكنّ المصالح غالبا ما تغلب فقد كان يحيئيل سليمان اليهودي مستشارا للبابا اسكندر الثالث (نص