وبطبيعة الحال ليس هذا كل ما في شبه الجزيرة الإيطالية من يهود، وإنما في المدن التي زارها فقط. ويلاحظ على هذه الأرقام أنّ عدد اليهود يزداد كلما اتجهنا جنوبا أي أنه ينقص كلما اتجهنا شمالا، وتفسير ذلك أنّ كثيرا من مناطق الشمال الإيطالي كانت قد حرّمت على اليهود الإقامة فيها في فترات سابقة، ولم تكن ترحب بإقامتهم في كلّ الأحوال، ولعلّ جنوة خير مثال على ذلك فقد حظرت فيها إقامة اليهود- على ما يظهر- في بداية القرن الحادي عشر للميلاد فيما يذكر الأستاذ عزرا حداد مترجم الكتاب. كما أنّ الخروج من شبه الجزيرة الإيطالية هربا إلى أي مكان آخر كان أسهل من ناحية الجنوب الإيطالي، والأهم أن جنوب إيطاليا أقرب إلى العالم الإسلامي الذي هو الملجأ والملاذ ليهود أوربا عند الضرورة، في العصور الوسطى، وفي العصر الحديث بدءا من سقوط غرناطة وبعد قيام الدولة العثمانية على نحو خاص «1»
ملحوظة ثانية وهي أنّ مترجم الكتاب (عزرا حدّاد) أوضح في تعليقاته أنّ العرف جرى أن يحصي الباحثون والمؤرخون اليهود عددهم بالبيت أو الأسرة لا بعدد الأفراد، فلا يحصى في هذه الحال إلّا رب الأسرة فقط، ومعنى هذا أن عدد اليهود- حتّى لو لمّ يكونوا موجودين إلا في المدن الواردة آنفا- أكثر بكثير من رقم 3200 خاصة