وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)} [الرعد / 4].
ثم قال: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة / 22] أي وجعل هذه السماء بناءً سقفًا مرفوعًا لا يتفطر ولا يتشقق، ولا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح مع أنَّه تمر عليه آلاف السنين {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَينِ يَنْقَلِبْ إِلَيكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)} [الملك / 3 - 4] أي: فاترًا ذليلًا من عظم ما رأى؛ ولذا قال: {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً}.
ثم قال: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة / 22] إنزال السماء هذا الماء الإنسان -أيضًا- يجب عليه النظر فيه لأنَّ الله يقول: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)} [عبس / 24] {فَلْيَنْظُرِ} واجبة كما ذكرنا في الأولى {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24)} يجب على كل إنسان حتمًا أن ينظر إلى طعامه. ومعنى هذا وكأن ربه يقول: أيها الإنسان المسكين الذي تتنطع وتتمرد على نظام السماء انظر الخبز الذي تأكل منه -ولو لم تجده لمت- من هو الذي خلق الماء الذي شرب به وروي حتى نبت؛ أيمكن أن يخلقه غير الله؟ لا، هب أن الماء خُلق من يقدر على إنزاله على هذا الطَّريق والأسلوب الغريب العجيب -رشاش- حتَّى تروى الأرض من غير أن يضر بها الماء؟ فلو كان مُنزلهُ أخرقًا لجعل المطر كله قطعة واحدة، فترك البلاد أثرًا بعد عين! ! ينزله بغاية اللَّطافة {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَينَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور / 43].
هب أن الله -جل وعلا- خلق الماء وأبدعه بقدرته وإرادته ثم أنزله على هذا الأسلوب الغريب العجيب الهائل ورويت الأرض وشربت، من