ما قال. وكان السلطان عزم على أن يبني أربع منائر فتمت ثلاثة، إلى أن كان يوم السبت سادس ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وسبعمائة، سقطت المنارة التي على الباب فهلك تحتها نحو ثلاثمائة نفس من الأيتام، الذين كانوا قد رتّبوا بمكتب السبيل ومن غيرهم، فلهج الناس بأن ذلك ينذر بزوال الدولة، فاتفق قتل السلطان بعد ذلك بثلاثة وثلاثين يوماً!!
وقلما قيل من شيءٍ لمسألةٍ ... إلا ويبدو لها في الناسِ من خبر
وفي هذه التواريخ ومدة العمارة تنظير.
ومن محاسن مصر (المدرسة المؤيدية) قال السيوطي: انتهت عمارتها سنة تسع عشرة وثمانمائة، وبلغت النفقة عليها أربعين ألف دينار، واتفق بعد ذلك بسنة، مَيْل المنارة التي بنيت لها على البرج الشمالي بباب زويلة، فأكثر الشعراء من القول في ذلك، قال الحافظ ابن حجر: وكنت قلت وأنشدت بمجلس المؤيد:
لجامعِ مولانا المؤيد رونق ... منارتهُ بالحسنِ تزهو وبالزّين
تقول وقد مالت على البرج أمهلوا ... فليس على جسمي أضرّ من العين
فأراد بعض الجلساء العبث بالشيخ بدر الدين العيني، فقال إن فلاناً قد عرّض بك، فغضب واستعان بمن نظم له نقيضهما ونسبهما لنفسه، وعرف كلّ من يذوق الأدب أنهما ليسا له، لأنَّه لم يقع له قريب من ذلك:
منارة كعروسِ الحسنِ إذ جليت ... وهدمها بقضاءِ الله والقدر
قالوا أصيبت بعين قلت ذا غلط ... ما أوجبَ الهدمَ إلا خسّةُ الحجر
قلت: هما للنواجي الأبرص لا بارك الله فيه، انتهى. من أنباء الغمر. وكان يقال ما أُتيَ المرءُ إلا من نفسه، وقال ابن النبيه:
بجامع مولانا المؤيد أُنشئت ... عروسٌ سمت ما خلت قط مثالها
ومذ عَلِمتْ أن لا نظيرَ لها انثنت ... وأعجبها والعُجْب عنّا أمالها
ذكر بعض الحوادث الغريبة بمصر لما اشتملت عليه من الحكم:
حكى السيوطي في المحاضرة أن في سنة ست وستين من الهجرة وقع الطاعون بمصر، وفي سنة سبعين كان الوباء، وحكي أن بعض الزهاد قال: بلغني ما وقع ببغداد