ومن محاسنها بركة الفيل، التي كأنَّها دارة الهلال، أو سماء تزينت مجرتها بنجوم من الجمال، ونحوها بركة الرطلي، فإنها لا تزال تبدي محاسنها وتملي، وفيها أنشد لنفسه التقي المقريزي:
انظر إلى بركة الفيل التي اكتنفت ... بها المناظرُ كالأهدابِ للبصرِ
كأنَّما هي والأبصار ترمقها ... كواكبٌ قد أداروها على القمرِ
وقال حسن التميمي:
أقمتُ بالبركةِ الفيحاَء مدهقة ... والماء مجتمع فيها ومسفوحُ
إذا النسيم جرى في مائها اضطربت ... كأنَّما ريحهُ في جسمها روحُ
ومن محاسن مصر: (المدرسة المنصورية) قال السيوطي: أنشأها والبيمارستان
الملك المنصور قلاوون، وكان على عمارتها الأمير علم الدين سنجر الشجاعي، فلما تمت دخل إليه الشرف البوصيري فمدحه بقصيدة أولها:
أنشأت مدرسةً ومارستانا ... لتصحح الأديان والأبدانا
فأعجبه ذلك وأجزل عطاءه، ورتّب في هذه المدرسة دروس فقه على المذاهب الأربعة، ودرس تفسير، ودرس حديث، ودرس طب.
ومدرسة السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون شرع في بنائها سنة ثمانٍ وخمسين وسبعمائة. قال المقريزي: لا يعرف ببلد الإسلام معبد يحكي هذه المدرسة في كبر قالبها أو حسن هندامها، أقامت العمارة فيها مدة ثلاثين سنة لا تبطل يوماً واحداً، ورُصد لمصروفها كلّ يوم عشرون ألف درهم، عنها ألف مثقال ذهباً، حتى قال السلطان: لولا أن يقال سلطان عجز عن إتمام ما بناه لتركت بناءها.
وذَرْعُ إيوانها الكبير خمسة وستون ذراعاً في مثلها، ويقال إنه أكبر من إيون كسرى بخمسة أذرع. وبها أربع مدارس للمذاهب الأربعة. قال الحافظ ابن حجر في أنباء الغمر: وكان السلطان حسن أراد أن يعمل في مدرسته درس فرائض، فقال له البهاء السبكي: هو باب من أبواب الفقه، فأعرض عنه. فاتفق وقوع قضية في الفرائض مشكلة، فسئل عنها البهاء السبكي فلم يُجِب، فأرسلوا إلى الشيخ شمس الدين الكلايء، فقال: إن كان الفرائض من أبواب الفقه فما له لايجيب عنها!؟ فشقّ ذلك على البهاء وندم على