الشمالي المسمَّى بالجدي وراء ظهورهم، وأنت إذا نظرت إلى قبلة الجامع والقطب وجدت السمت منحرفاً، ولا كلام.

قال القزويني في الآثار: الغوطة الكورة التي قصبتها دمشق وهي كثيرة المياه، نضرة الأشجار، مونقة الأزهار، متجاوبة الأطيار، مخضرة الجنان. استدارتها

ثمانية عشر ميلا، وكلها بساتين وقصور. تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها، ومياهها خارجة من تلك الجبال، وتمتدّ في الغوطة عدة أنهر، وينصبّ فاضلها في أجمة هناك، والغوطة كلها أنهار وأشجار متصلة، قلَّما يوجد بها مزارع، وهي أنْزه بلاد الله على الإطلاق، وأحسنها من حيث البهجة والإشراق.

قال الخوارزمي: جِنان الدنيا أربعة: غوطة دمشق، وصغد سمرقند، وشعب بوَّان، وجزيرة الأبُلَّة. وقد رأيتها كلها فأحسنها غوطة دمشق، أما صغد سمرقند فهو نهر تحف به قصور وبساتين وقرى مشتبكة العمائر، ومقداره اثنا عشر فرسخاً في مثلها، وأما شِعْب بوان فبقعة من نواحي سابور، مقدارها فرسخان، وقد أتحفتها الأشجار بظلالها، وجلست الأنهار خلالها، وفيها يقول المتنبي:

مغاني الشِعْب طيباً في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمانِ

وأما نهر الأبلة فهو من أعمال البصرة، وهو أربعة فراسخ وعلى جانبيه بساتين كأنَّها بستان واحد، وأما الغوطة فهي من حيز دمشق، طولها ثلاثون ميلاً وعرضها خمسة عشر ميلا، وهي مشتبكة القرى، ولا تكاد الشمس تقع على أرضها لالتفاف شجرها واكتناف زهرها، واختلاف الأخبار لاختلاف الأنظار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015