بناه الوليد بن عبد الملك، وأنفق عليه أربعمائة صندوق، في كلّ صندوق أربعة عشر ألف
دينار، واِجتمع في ترخيمه اثنا عشر ألف مرخّم.
لله ترخيم بجامع جِلِّق ... متناسب التخميس والتقسيمِ
قد زاد تحسيناً يكذّبُ قولَ من ... قد قال إنّ النقص في الترخيمِ
-
وقد بني بأنواع الفصوص المحكمة، والمرمر المصقول، والجزع المحكوك، يقال إن العمودين اللذين تحت قبة النسر اشتراهما الوليد بألف وخمسمائة دينار، وهما عمودان مجزعان بحمرة لم يُرَ مثلهما، ويقال إن رخام الجامع معجوناً، ولذلك إذا وضع على النار ذاب، وفي المحراب عمودان صغيران، يقال إنهما كانا في عرش بلقيس، وعند منارة الجامع الشرقية حجر، يقال إنه من الحجر الذي ضربه موسى عليه السلام بعصاه فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً.
قال القزويني: ومن عجائب دمشق الجامع الأموي، وقد وصفه بعضهم فقال: هو أحد العجائب وجامع الغرائب، بسط فرشه بالرخام، وألّف على أحسن ترتيب وانتظام، فصوصه ملتفة، وصنعته مؤتلفه، عمّره الوليد، وكان ذا هِمّة في أمر العمارات وبناء المساجد، أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين، قيل من عجائب الجامع إنه لو عاش أحد مائة سنة وكان يتأمّله في كلّ يوم، لرأى في كلّ يوم ما لم يكن رآه من حسن الصنعة، ومبالغة التنميق، وهذا المعنى في كلّ ذرة من العالم للمبصر وفي أنفسكم أفلا تبصرون وهو مسقف بالرصاص إلى الآن، وفيه نحو مائة ماء.
ومن محاسنه الفوّار الذي على باب جيرون، فإنَّ ماؤه يرتفع على نحو قامة ونصف في غِلَظ الساق دائماً أبداً، واتَّفق وقوفه مرة، فقال في ذلك المعنى ابن نباته قوله: