قال:

شجرات ورد أحمر بعثت ... في قلب كلّ متيّم طربا

يا من رأى من قبلها شجراً ... سقى اللّجين وأنبتَ الذهبا

ولابن تميم:

حاذِر أصابع من ظلمتَ فإنها ... تدعو بقلبٍ في الدجى مكسور

فالوردُ ما ألقاه في جمرِ الغضا ... إلا الدعا بأصابع المنثور

ثم أتينا على حِسْية وهي واد فيه قلعة ومياه غزيرة، ثم أتينا على عيون التجار وميدان الخيل وهو محل العرب النهّابة، وقارة وهي قرية قد أشرفت على الدمار، وكأنَّها كانت فبانت.

ثم أتينا على نبك وهي قرية تبسَّمت أزهارها، وتفاوضت أنهارها، وأهلها لا يكادون يفقهون حديثاً، وتوصف بالبرد الشديد. ثم أتينا على القطيفة وهي روضة غناء، وغَيْضة حسناء، كأنَّما قطفت من فردوس الجنة، وبها الخان الذي هو للواردين وِقاية وجُنَّة، وهو الخان الذي لا يرى له عديل، ولا يدانيه في محاسنه مثيل:

تحير به الأبصار حسناً ورَوْنقاً ... وتمرحُ فيه الخلق بالأمن واليُمْنِ

وفيه تكيَّة للوافدين، وهو من بناء الوزير سنان باشا، فلا غرو أن يقول بلسان الحال:

إن آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثارِ

وفي هذه القرية ما يزيد على برد الروم، وما ألطف ما قال:

هذي القطيفة التي ... لا تشتهى عقلاً ونَقْلا

حُشيت ببرد يابس ... فلأجل ذاك الحشو تُقْلا

ثم أتينا على القصير وقد أرسل علينا الغمام سحائب القطر، ومسَّنا من ذلك البرد ما هو أحرّ من الجمر، ثم سرنا في واد طاب روح نسيمه، فصحَّ مزاج إقليمه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015