أجد لي العهد القديم كأنه ... أشار بتذكار العهود فأفهما
عجبت لمرتاع الجوانح خافق ... بكيت له خلف الدجى وتبسما
وبت أرويه كؤوس مدامعي ... وبات بطاعني الحديث عن الحمى
وصافحته عن رسم دار بذي الغَضَى ... لبست بها ثوب الشبيبة معلما
لعهدي بها تدني الظباء أو انسا ... وتطلع في آفاقها الغيد أنجما
أحن إليها حيث سار بي الهوى ... وأنجد رحلي في البلاد وأتهما
ولما استقر، واطمأنت الدار، وكان من السلطان الاغتباط والاستئثار وكثر الحنين إلى الأهل والتذكار، أمر باستقدام أهلي من مطرح اغترابهم بقسنطينة، فبعث عنهم من جاء بهم إلى تلمسان. وأمر قائد الأسطول بالمرية، فسار لاجازتهم في أسطوله، واحتلوا بالمرية. واستأذنت السلطان في تلقيهم، وقدمت بهم على الحضرة، بعد أن هيأت لهم المنزل والبستان، ودمنة الفلح، وسائر ضرورات المعاش.
وكتب الوزير ابن الخطيب عندما قاربت الحضرة، وقد كتبت إليه استأذنه في القدوم، وما أعتمده في أحواله:
سيدي، قدمت بالطير الميامين، على البلد الأمين، واستضفت الرفاء إلى البنين، ومتعت بطول السنين. وصلتني البَراءة المعربة عن كثب اللقاء، ودنو المزار، وذهاب البعد، وقرب الدار؛ واستفهم سيدي عما عندي في القدوم على المخدوم، والحق أن يتقدم سيدي إلى الباب الكريم، في الوقت الذي يجد المجلس الجمهوري لم يفض حجيجه، ولا صَوَّح بهيجه، ويصل الأهل بعده إلى المحل الذي هيأته السعادة لاستقرارهم، واختاره اليمن قبل اختيارهم، والسلام.
ثم لم يلبث الأعداء وأهل السعايات أن خيلوا الوزير ابن الخطيب من ملابستي