واجتمع أمراء اليلبغاوية يقدمهم قطلقتمر العلائي، ويلبغا الناصري ودمرداش اليوسفي وبركة وبرقوق، فتصدى دمرداش ويلبغا وبركة وبرقوق، إلى الاستقلال بالأمر وتغلبوا على سائر الأمراء، واعتقلوهم بالإسكندرية. وفوضوا الأمر إلى يلبغا الناصري، وهم يرونه غير خبير، فأشاروا باستدعاء طشتمر، وبعثوا إليه، وانتظروا. فلما جاءه الخبر بذلك ظنها منية نفسه، وسار إلى مصر، فدفعوا الأمر إليه، وجعلوا له التولية والعزل وأخذ برقوق، وبركة يستكثران من المماليك، بالاستخدام والجاه، وتوفير الاقطاع، إكثافاً لعصبيتهما، فانصرفت الوجوه عن سواهما، وارتاب طشتمر بنفسه، وأغراه أصحابه بالتوثب، ولما كان الأضحى في سنة تسع وسبعين استعجل أصحابه على غير روية، وركبوا وبعثوا إليه فأحجم، وقاتلوا فانهزموا. وتقبض على طشتمر، وحبس بالإسكندرية، وبعث معه يلبغا الناصري، وخلت الدولة للأميرين برقوق وبركة من المنازعين، وعمروا المراتب
بأصحابهما. ثم كثر شغب التركمان والعرب بنواحي الشام، فدفعوا يلبغا الناصري إلى النيابة بحلب ليستكفوا به في تلك الناحية. ثم تنافس برقوق وبركة في الاستقلال، واضمر كل واحد منهما لصاحبه، وخشي معه، فقبض برقوق على بطانة بركة من عصابته ليحض بذلك جناحه، فارتاع لذلك بركة، وخرج بعصابته إلى قبة النصر ليواضع برقوقاً وأصحابه الحرب هنالك، ورجا أن تكون الدائرة له. وأقام برقوق بمكانه من الإسطبل، وسرب أصحابه في جموعهم إلى مجاولة أولئك. وأقاموا كذلك أياماً يغادونهم ويراوحونهم ثلاثاً، إلى أن عضت بركة وأصحابه الحرب، فانفضوا عنه، وجيء ببركة، وبعث به إلى الإسكندرية، فحبس هنالك إلى أن قتله ابن عرام نائب الإسكندرية. وارتفع أصحابه إلى برقوق