عمي الأخفشان عنه وسدت ... عن خفاياه فطنة الفارسي
يا أخا الحكم في الأنام وإني ... لأُنادي رب النَّدَى والنَّدِيِّ
بنت فكري تعرضت لحماكم ... فالقَها راضياً بوجه رضي
تبتغي القرب من مراقي الأماني ... والترقي للجانب العلوي
فأنِلْها مَرامَها نلت سَهلاً ... كل دان تبغي وكل قصي
ثم كانت واقعة العرب على السلطان بالقيروان، في فاتحة تسع وأربعين، فشغلوا عن ذلك، ولم يظفر هذا الرَّحَوي بطلبته. ثم جاء الطاعون الجارف، فطوى البساط بما فيه، وهلك عبد المهيمن فيمن هلك، ودفن بمقبرة سلفنا بتونس، لخلة كانت بينه وبين والدي، رحمه الله، أيام قدومهم علينا.
فلما كانت واقعة القيروان، ثار أهل تونس بمن كان عندهم من أشياع السلطان أبي
الحسن، فاعتصموا بالقصبة دار الملك، حيث كان ولد السلطان وأهله، وانتقض عليه ابن تافراكين، وخرج من القيروان إلى العرب، وهم يحاصرون السلطان، وقد اجتمعوا على ابن أبي دبوس، وبايعوا له، كما مر في أخبار السلطان، فبعثوا ابن تافراكين إلى تونس، فحاصر القصبة، وامتنعت عليه. وكان عبد المهيمن يوم ثورة أهل تونس، ووقوع الهيعة، خرج من بيته إلى دارنا، فاختفى عند أبي رحمه الله، وأقام مختفياً عندنا نحواً من ثلاثة أشهر. ثم نجا السلطان من القيروان إلى سوسة، وركب البحر إلى تونس، وفر ابن تافراكين إلى المشرق. وخرج عبد المهيمن من الاختفاء، وأعاده السلطان إلى ما كان عليه، من وظيفة العلامة والكتابة، وكان كثيراً ما يخاطب والدي رحمه الله ويشكره على موالاته، ومما كتب إليه وحفظته من خطه: