رحله ابن خلدون (صفحة 199)

أعلامه، وتتوقد في ليل المواكب نيران الكواكب من أسنته وسهامه، ومن أسرة للعلماء نتناول العلم بوعد الصادق ولو تعلق بأعنان السماء، وتنير سراجه في جوانب الشبه المدلهمة الظلماء، ومن قضاة يباهون بالعلم والسؤدد عند الانتماء، ويشتملون الفضائل

والمناقب اشتمال الصماء، ويفصلون الخصومات برأي يفرق بين اللبن والماء.

ولا كدولة السلطان الظاهر، والعزيز القاهر، يعسوب العصائب والجماهر، ومطلع أنواع العز الباهر، ومصرف الكتائب تزري بالبحر الزاخر، وتقوم بالحجة للقسي على الأهلة في المفاخر، سيف الله المنتضى على العدو الكافر، ورحمته المتكفلة للعباد باللطف الساتر، رب التيجان والأسرة والمنابر، والأواوين العالية والقصور الأزاهر، والملك المؤيد بالبيض البواتر، والرماح الشواجر، والأقلام المرتضعة أحلاف العز في مهود المحابر، والفيض الرباني الذي فاق قدرة القادر، وسبقت به العناية للأواخر. سيد الملوك والسلاطين، كافل أمير المؤمنين، أبو سعيد أمده الله بالنصر المصاحب، والسعد المؤازر، وعرفه آثار عنايته في الموارد والمصادر، وأراه حسن العاقبة في الأولى وسرور المنقلب في الآخرة فإنه لما تناول الأمر بعزائمه وعزمه، وآوى الملك إلى كنفه العزيز وحزمه، أصاب شاكلة الرأي عندما سدد من سهمه، وأوقع الرعايا في ظل من أمنه، وعدل من حكمه، وقسم البأس والجود بين حربه وسلمه، ثم أقام دولته بالأمراء الذين اختارهم باختيار الله لأركانها، وشد بهم أزره في رفع القواعد من بنيانها، من بين مصرف لعنانها، متقدم القدم على أعيانها، في بساط إيوانها، ورب مشورة تضيء جوانب الملك بلمعانها، ولا يذهب الصواب عن مكانها، ومنفذ أحكام يشرق الحق في بيانها، ويضوع العدل من أردانها ونجي خلوة في المهم الأعظم من شأنها، وصاحب قلم يفضي بالأسرار إلى الأسل الجرار، فيشفي الغليل بإعلانها. حفظ الله جميعهم وشمل بالسعادة والخيرات المبدأة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015