رحله ابن خلدون (صفحة 137)

المبصرين والمستبصرين عزة دينه، وتبرأ الشيطان من خدينه، ونهب

الكفار وخذلوا، وبكل مرصد جدلوا، ثم دخل البلد بعده غلاباً، وجلل قتلاً واستلاباً، فلا تسل إلا الظبا والأسل عن قيام ساعته، وهول يومها وشناعته، وتخريب المبائت والمباني، وغنى الأيدي من خزائن تلك المغاني، ونقل الوجود الأول إلى الوجود الثاني، وتخارق السيف فجاء بغير المعتاد، ونهلت القنا الردينية من الدماء، حتى كادت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد، وهمت أفلاك القسي وسحت، وأرنت حتى بحت، ونفدت موادها فشحت، مما ألحت، وسدت المسالك جثث القتلى فمنعت العابر، واستأصل الله من عدوه الشأفة وقطع الدابر، وأزلف الشهيد وأحسب الصابر، وسبقت رسل الفتح الذي يسلم يسمع بمثله في الزمن الغابر. تنقل البشرى من أفواه المحابر، إلى آذان المنابر.

أقمنا بها أياماً نعقر الأشجار، ونستأصل بالتخريب الوجار، ولسان الانتقام من عبدة الأصنام، ينادي: يا لثارات الإسكندرية تشفياً من الفجار، ورعياً لحق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015