رحله ابن خلدون (صفحة 126)

سمع على ما رأى غبي، فلو أنصفت محاسنها التي وصفت، لأقضمت حب القلوب علفاً، وأوردت ماء الشبيبة نطفاً، واتخذت لها من عذر الخدود الملاح عذر موشية، وعللت بصفير ألحان القيان كل عشية، وأنعلت بالأهلة، وغطيت بالرياض بدل الأجلة.

إلى الرقيق، الخليق بالحسن الحقيق، يسوقه إلى مثوى الرعاية روقة الفتيان رعاته، ويهدي عقيقها من سبجه أشكالاً تشهد للمخترع سبحانه بإحكام مخترعاته، وقفت ناظر الاستحسان لا يريم، لما بهره منظرها الوسيم، وتخامل الظليم، وتضاؤل الريم وأخرس مفوه اللسان، وهو بملكات البيان، الحفيظ العليم، وناب لسان الحال، عن لسان المقال، عند الاعتقال، فقال يخاطب المقام الذي أطلعت أزهارها غمائم جوده، واقتضت اختيارها بركات وجوده: لو علمنا أيها الملك الأصيل، الذي كرم منه الإجمال والتفضيل، أن الثناء يوازيها، لكلنا لك بكيلك، أو الشكر يعادلها ويجازيها، لتعرضنا بالوشل إلى نيل نيلك، أو قلنا هي التي أشار إليها مستصرخ سلفك المستنصر بقوله: أدرك بخيلك، حين شرق بدمعه الشرق، وانهزم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015