قبله بنحو الميلين، فما أمام العلمين الى عرفات حل، وما دونهما حرم. وبمقربة منهما، مما يلي عرفات، بطن عرنة الذي أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بالارتفاع عنه في قوله، صلى الله عليه وسلم: «عرفات كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة» ، فالواقف فيه لا يصح حجه، فيجب التحفظ من ذلك لان الجمالين عشية الوقفة ربما استحثوا كثيرا من الحاج وحذروهم الزحمة في النفر واستدرجوهم بالعلمين اللذين أمامهم الى أن يصلوا بهم بطن عرنة أو يجيزوه فيبطلوا على الناس حجهم. والمتحفظ لا ينفر من الموقف حتى يتمكن سقوط القرصة من الشمس.
وجبل الرحمة المذكور منقطع عن الجبال قائم في وسط البسيط، وهو كله حجارة منقطعة بعضها عن بعض. وكان صعب المرتقى، فأحدث فيه جمال الدين المذكورة مآثره في هذا التقييد أدراجا وطيئة من أربع جهاته، يصعد فيها بالدواب المذكورة، وانفق فيها مالا عظيما.
وفي أعلى الجبل قبة تنسب الى أمّ سلمة، رضي الله عنها، ولا يعرف صحة ذلك. وفي وسط القبة مسجد يتزاحم الناس للصلاة فيه. وحول ذلك المسجد المكرم سطح محدق به فسيح الساحة جميل المنظر، يشرف منه على بسيط عرفات. وفي جهة القبلة منه جدار، وقد نصبت فيه محاريب يصلي الناس فيها.
وفي اسفل هذا الجبل المقدس، عن يسار المستقبل للقبلة فيه، دار عتيقة البنيان في أعلاها غرف لها طيقان تنسب الى آدم، صلى الله عليه وسلم. وعن يسار هذه الدار في استقبال القبلة الصخرة التي كان عندها موقف النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي في جبل متطامن. وحول جبل الرحمة والدار المكرّمة صهاريج للماء وجباب. وعن يسار الدار ايضا، على مقربة منها، مسجد صغير.
وبمقربة من العلمين، عن يسار مستقبل القبلة، مسجد قديم فسيح البناء، بقي منه الجدار القبلي، ينسب الى ابراهيم، صلى الله عليه وسلم، فيه