في خفارتهم. والمرأة عندهم في ذلك شأنا أعظم من الرجل. وهم رحالة لا يقيمون، وبيوتهم غريبة الشكل ويقيمون أعواداً من الخشب ويضعون عليها الحصر وفوق ذلك أعواداً مشتبكة وفوقها الجلود أو ثياب القطن. ونساؤهم أتم النساء جمالاً وأبدعهن صوراً، مع البياض الناصع والسمن. ولم أر في البلاد من يبلغ مبلغهن في السمن. وطعامهن حليب البقر وجريش الذرة يشربنه مخلوطاً بالماء غير مطبوخ عند السماء والصباح. ومن أراد التزوج منهن سكن بهن في أقرب البلاد إليهن، ولا يتجاوز بهن كوكو ولا إيوالاتن. وأصابني المرض في هذه البلاد لاشتداد الحر وغلبة الصفراء. واجتهدنا في السير إلى أن وصلنا إلى مدينة تَكْدّاَ "وضبطها بفتح التاء المعلوة والكاف المعقودة والدال المهمل مع تشديده". ونزلت بها في جوار شيخ المغاربة سعيد بن علي الجزولي وأضافني قاضيها أبو إبراهيم إسحاق الجاناتي وهو من الأفاضل وأضافني جعفر بن محمد المسوفي. وديار تكدا مبنية بالحجارة الحمر وماؤها يجري على معادن النحاس فيتغير لونه وطمعه بذلك ولا زرع بها إلا يسير من القمح يأكله التجار والغرباء ويباع بحساب عشرين مدا من أمداداهم بمثقال ذهب ومدهم ثلث المد ببلادنا. وتباع الذرة عندهم بحساب تسعين مدا بمثقال ذهب. وهي كثيرة العقارب وعقاربها تقتل من كان صبيا لم يبلغ، وأما الرجال فقلما تقتلهم.

ولقد لدغت يوماً وأنا بها ولداً للشيخ سعيد بن علي عند الصبح فمات لحينه، وحضرت جنازته ولا شغل لأهل تكدا غير التجارة يسافرون كل عام إلى مصر ويجلبون كل ما بها من حسان الثياب وسواها. ولأهلها رفاهية وسعة حال ويتفاخرون بكثرة العبيد والخدم وكذلك أهل مالي وأيوالاتن. ولا يبيعون المعلمات منهن إلا نادراً وبالثمن الكثير.

لما دخلت تكدا أردت شراء خادم معلمة فلم أجدها، ثم بعث إلي القاضي أبو إبراهيم بخادم لبعض أصحابه فاشتريتها بخمسة وعشرين مثقالاً. ثم إن صاحبها ندم ورغب في الإقالة، فقلت له: إن دللتني على سواها أقلتك. فدلني على خادم لعلي أغيول وهو المغربي التادلي الذي أبى أن يرفع شيئاً من أسبابي حين وقعت ناقتي وأبى أن يستقي غلامي الماء حين عطش. فاشتريتها منه وكانت خيراً من الأولى. وأقلت صاحبي الأول ثم ندم المغربي على بيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015